Bqaakafra Parish

مقال بمناسبة عيد الميلاد في مجلة كاريتاس

الخوري ميلاد مخلوف

خادم رعية بقاعكفرا

٣٠ أيار ٢٠٢١

لما أتيت إلينا يا رب؟

 

من قلب الأزمات والإضطرابات والأخبار التي تنذر بسواد الأيام الحاضرة ، ترانا نبحث عن بصيص أملٍ يبعث فينا الرجاء ، وينهضتا من الحالة المذرية التي نعيش. فهل نجده؟

 

في زمن الميلاد المجيد، زمن إنحناء السماء إلى الأرض، زمن تنازل الله عن عرشه صائراً طفلاً تحتضنه البشرية بشخص أمه مريم العذراء. في زمن، قرر الله أن يسكن عندنا ويشابهنا. أتراه يحسدنا على ما نحن عليه فقرر أن يشاركنا نعيمنا ويقاسمنا خيرات الدنيا وشهواتها؟

لما أتيت إلينا يا رب؟

فنحن نعرف أن عالمنا هشّ، مريض، زائلٌ وضعيف.

لما أتيت إلينا؟

نحن الذين أيقنّا أن الخروج من أشرف مئة مرّة من البقاء في هذا الجحيم.

لوهلة نظنّ أنك تهوى الشقاء والألم فتبحث عنه عندنا. تركت سلامك ونعيمك لتقطن دنيا الفناء؟

في بيت لحم كان قد طال الإنتظار وفَتُرَة حماسة المترقِّب، وكاد ينطفئ سراج المترجّي.

أتيتَ كالندى، لتبُلَّ عطش البشرية للعدل والسلام. كالشعاع الذي يبدد سواد ليلةٍ حالكةبالظلم والغطرسة. جئت كنسيم التقطت فيه المسكونة أنفاسها وقد خنقتها سموم الخيانة ونكران حق الضعيف.

حينها ما عرفوك لكنهم شعروا بالحياة تدبّ في عروقهم تبشّر بيم جديد.

أتيت تسكن أحياء الناصرة الفقيرة تحسّ بالعوزلتخاطب المعوزين. أصبت بالمرض لتعطي كل سقيم العلاج الناجع. أرهقك التعب لتمنح الراحة لثقيلي الأحمال. عبرت في الموت لتعطي الحياة للراقدين في القبور.

ألهذا أتيت؟ هذا ما حملك أن تضحّي بكل شيء فداءً عن الكل؟ أتيت لأنك أحببتنا. أنت الذي أخليت ذاتك واتخذت صورة إنسان لتعلمنا عظمة الإنسان ووجوده.

أجل لهذا أتيت.

أتيت لا لتخرجنا من عالمنا بل لتزرع فينا الرجاء. نقبل الفقر والعوز لأن وجودك يغنينا. نتحمّل المرض والألم لأنك شفاؤنا. نجوع ونعطش لكنك قوتنا. نمات النهار كله لكنك تحيينا.

نعم أتيت لكل هذا.

أتيت ونحن أيضاً لم نعرفك فرحنا نحفر لنا آباراً مشقّقة وتناسينا أنك النبع الذي لا ينضب.

نقولها الآن، وبصوت عالٍ، في هذه السنوات العجاف، وفي أحكل الظروف،

تعال أيها اللاب يسوع، تعال إلينا لنشعر أننا أحياء.

بيوتنا أصبحت أصقع من مغارتك، معاجننا تفتقر للخبز أكثر من "بيت لحم"

مدافئنا تكاد تنطفئ ونارها لا تحمل الدفئ لندرة الحنان.

سماؤنا غابت عنها النجوم فقد حجبها دخان الحروب.

كثر الهيرودسيون المسمّرون على كراسي المسؤولية يفتكون بنا وبأولادنا.

إمتزج صراخنا بنحيب الرامة.

من يعزينا سواك يا إلهي؟

نحن لا نطلب أن يصيبهم السوء، وانت الذي تبحث عن الخاطئ لتخلّصه. 

لكن نسألك أن ترسل ملاكك ليقلق ليلهم ويهزّ ضمائرهم. وإذا عرفوا انك أتيتانا طفلاً علك تطرّي قلوبهم وقلوبنا.

هلمَّ تعال ، تعال إلينا. ليِّن هذا النير الثقيل على أكتافنا.

نعدك أن نشهد للحق لمن يقول أن لا إله،

نعاهدك أن نخبر المسكونة عن أعمالك،

نبشّر بك أنت "عمانو موريو" الله معنا

لك المجد إلى الأبد